
دكتور عايض حمد عبدالله القحطاني
مارد المتنبي
بين الكتب، وجدت ديوانا للمتنبي، يعتريه بعض الغبار، فشرعت أفرك الكتاب انفضه، فخرج لي المتنبي، بصفته ووصفه، يشكو وحدته وصمته، وأنه يريد أن يتكلم مع أحد، فتحادثنا ودار بيني وبينه هذا الحوار:
عايض: سمعت عنك الكثير، وأطراك الناس عامة، عالمهم وجاهلهم، فأنّا لك هذا؟
المتنبي: أتيت بمنطق العرب الأصيل** وكان بقدر ما عاينت قيلي
عايض:إذن هو الشعر فقط الذي سما بصيتك، أليس كذلك؟
المتنبي: يا أعدل الناس إلا في معاملتي**فيك الخصام وأنت الخصم والحكم!
عايض: آسف، لم أقصد إنقاص قدرك؛ ولكن ماذا مع الشعر؟
المتنبي: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي **و أسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفني **والسيف والرمح والقرطاس والقلـم
عايض: جميل، لكن ألا تظن أن الجاهلية قد سبقتك بذلك؟
المتنبي: ما نال أهل الجاهلية كلَُهمْ شعري** ولا سمعت بسحري بابل
عايض: شعر، شعر، شعر، هذا كل ما عندك؟
المتنبي: وما الدهر إلا من رواةِ قصائدي**إذا قلتُ شعرا أصبح الدهر منشدا
ودع كل صوتٍ غير صوتي فأنني** أنا الطائر المحكيُّ والآخر الصدى
عايض: يقولون أنك ادعيت النبوة في بادية السماوة ثم تبت، ما ردك على ذلك؟
المتنبي: وإذا أتتك مذمتي من ناقص** فهي الشهادة بأني كامل
عايض: أبا الطيب، تبدو لي عارف بالأمور، ماذا تقول في قلة الأصحاب وجفا الأحباب؟
المتنبي: أما في هذه الدنيا كريم **تزول به عن القلب الهموم
أما في هذه الدنيا مكان ** يسر بأهله الجار المقيم
عايض: أبا محسّد، أمرّ بك مثل هذا الحال، أعني من الهم والوجد والوحدة؟
المتنبي: ألا ليت شعري هل أقول قصيدة**فلا أشتكى فيها ولا أتعتب
عايض: لاحظت في شعرك علو الهمة، وطلب المعالي، فصادف ذلك مع مرادي تشابها، فلله در نفسي سيقتلها طلب العلا وقد أرقتني في طلب التمام.
المتنبي: ولم أر في عيوب الناس شيئا **كنقص القادرين على التمام
عايض: ولكني تعبت معها؟
المتنبي: وان كانت النفوس كبارا ** تعبت في مرادها الأجسام
عايض: ياالله ،لكنني أتعب!
المتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائم **وتأتي على قدر أهل الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها ** وتصغر في عين العظيم العظائم
عايض: لم أزل بصحة وشباب، وسوف ترى مني الكثير. والثناء كله لله.
المتنبي: آلة العيش صحةُّ وشباب**فإذا وليا عن المرء ولى
عايض: بما أنك ذكرت الشباب أبا الطيب، عندي صديق يشكو العشق والصبابة فبماذا تنصحه؟
المتنبي: لا تعذل المشتاق في أشواقه**حتى يكون حشاك في أحشائه
عايض: لكن ماذا عن التعفف، فيه نزعة فجور، وميل إلى المحضور؟
المتنبي: وما كل من يهوى يعف إذا خلا عفاف**ي ويرضى الحب والخيل تلتقي
عايض:إذن أنت تنصحه أن يتعفف؟ أليس كذلك؟
المتنبي: كل جريح ترجى سلامته ** إلا فؤادا رمته عيناها!
عايض: ماذا تعني؟
المتنبي: يا عاذل العاشقين دعك من فئة ** أضلها الله كيف ترشدها
عايض: ويحك هلك والله صاحبي؟
المتنبي: أرق على أرق ومثلي يأرق *** وجوى يزيد وعبرة تترقرق
جهد الصبابة أن تكون كما أرى***عين مسهدةُ وقلبُ يخفق
عايض: اللهم لا تفتنّا. قل أبا الطيب، التواني قد عم شباب الأمة وقل من تجده يحمل هم الأمة فماذا تقول في ذلك؟
المتنبي: إلى كم ذا التخلف والتواني*** وكم هذا التمادي في التمادي
وما ماضي الشباب بمسترد *** ولا يوم يمر بمستعــــاد
عايض: وماذا عن النساء ، كيف تريدهن؟
المتنبي: ولو كان النساء كمن فقدنا**لفضلت النساء على الرجـال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب **ولا التذكير فخر للهلال
عايض: أبا محسد، يا صاحب الشعر والأدب، ما رأيك بكثير الكلام قليل العمل؟
المتنبي: وإذا ما خلا الجبان بأرض**طلب الطعن وحده والنزالا
عايض: وماذا تقول للفئة التي أخلصت وجدّت لكنها تظهر بصورة الغرباء!
المتنبي: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى*** حتى يراق على جوانبه الدم
عايض: الله...أبا الطيب، متى أرى عزة قومي؟
المتنبي: ما كل ما يتمنى المرء يدركه **تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
عايض:لكني أحترق، وأختنق، عندما أرى القوة والإمارة في يد غيرنا، ونحن تابعين.
المتنبي: ولا تغرنك الإمارة في**غير أمير وإن بها باهى
عايض: لكنهم بهروا الناس بالقوة والغلبة!
المتنبي: ودهر ناسه ناس صغار *** وإن كانت لهم جثث ضخام
عايض: معذرة أبا الطيب، فقد حان الفراق، يجب أن أتركك هنا.
المتنبي: فراق ومن فارقتُ غيرُ مذمّم ** وأمٌ ومن يممّتُ خيُر ميمّمِ
******************
حرية
سقط الشهيد
من اجل الحرية
وتمزق ذاك الأديم
بهجمة دموية
هزت عروش الظلم
وتوازن الرعب
بأشلاء تلك الروح الزكية
يقابلها جبن العدو
بأسلحته النووية
وأحقاده المدنية
فلله در روح
ذهبت من اجل الحرية
عايض القحطاني
******************
اقرأ وارقَ
في كوبا في القرن التاسع عشر استخدمت القراءة على العمال لتلافي الأمية المتفشية، وكان يعين أحد الأشخاص قارئا يتلقى أجرا مقابل قراءة الصحف والكتب لهم. وكان ذلك يعين العمال على مواجهة الروتين والبلادة، ويعلمهم أشياء إضافية، وظهر أيضا القراء المتجولون للنصوص والأغاني الذين كانوا يطوفون في أنحاء البلاد.
تاريخ القراءة لا نهاية له. كلما ازداد عدد القراء في بلد كلما ازداد عدد المثقفين والعقلاء في ذلك البلد. الكتب ألفت وأعدت لتقرأ، لكن مئات الملايين من الناس لا تعنيهم القراءة بشيء وكأنهم ملكوا مفاتح العلم وأسراره. حتى بلغ الأمر مبلغه مع البعض ليحلف اليمين ألا يفتح كتابا غير مقرر عليه!
إذا لم يكن لديك حمى للقراءة -تأتيك كلما مر بك الوقت بلا كتاب يلازمك- فراجع نفسك فإنك لست بقارئ. والقدرة على استخلاص معنى من نص مكتوب فن لا يضاهيه فن.
من احد أسباب تخلف السود في أمريكا عن الآخرين، أن ملاك الرقيق يرفضون حتى مجرد التفكير في شعب أسود متعلم، وحتى قراءة الإنجيل كانت ممنوعة على السود، وكان هذا الحظر يشمل الأحرار السود أيضا، وكانت القراءة وتعليمها تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون وإذا تكررت فقد يعدم المعلم الأسود!
القراءة ملك لك لا تفرض عليك، لكن أن تختار أنت تركها فقد تركت عظيم. القراءة تعتبر احد أسباب خلود بعض الأسماء في التاريخ. ومن حيل الإنسان في تطلعه إلى الخلود انه يقرأ الماضي ويطلع عليه ثم يقدم فكرته وتجربته ثم ينقلها لمن بعده ثم يبقى حيا؟! وكم من اسم بقى خالدا لأنه ترك لنا وجهة نظره. إن لم يكن لك رأي صرت ضحية كل رأي.
في الكتب أن القراءة الصامتة التي نستخدمها الآن هي تحول في القراءة ولم تكن هي البداية. فقد كانت القراءة كلها بصوت مسموع، وفي التاريخ أن الإسكندر الأكبر قرأ في القرن الرابع قبل الميلاد رسالة وردت إليه بصمت مما جعل جنوده يتعجبون!
في "تقييد العلم" عن محمد الجوهري قال: كنا نصحب الجاحظ على سائر أحواله من جد وهزل، قال: فخرجنا يوما لنزهة، فبينا نحن على باب جامع البصرة، ننتظر شيئا أردناه، إذ عارضتنا امرأة، معها أوراق مقطعة، فعرضت ذلك علينا، فلم نجد فيها طائلا، فتركناها وانصرفنا، وتخلف معها الجاحظ، ونحن ننتظره، فأطال، ثم رأيناه قد وزن لها شيئا، وأخذ الأوراق، وقال: انتظروني، ومضى بها إلى منزله، فلما عاد أخذنا نهزأ به ونقول: فزت بقطعة من العلم وافرة، وضحكنا. فقال: انتم حمقى، والله إن فيها ما لا يوجد إلا فيها، ولكنكم جهال لا تعرفون النفيس من الخسيس.
من أدب القراءة أيضا وفنها انك تدون ما تستهويه وتكتب ما يعجبك في مدونة لك تصاحبك في جميع أمرك. والمثل الأمريكي يقول "Ink What you Think".
كان أحد الشعراء يقول لنديمه اكتب شعري، فالكتاب أحب إلى من الحفظ. فإن الإعرابي ينسى الكلمة وقد سهر في طلبها ليلته، فيضع في موضعها كلمة في وزنها، ثم ينشدها الناس، والكتاب لا ينسى ولا يبدل كلاما بكلام.
عندما تقرأ بنهم وتكون القراءة عادة تلازمك، تجد أنها تشحذ أطباعك، وتفخم ألفاظك. تكبر في عين العامة، وتكسب الصفوة. يذهب الحكيم وتبقى كتبه ويذهب العقل ويبقى أثره.
في "جامع بيان العلم" أن حكيما قال: ما دخلت على رجل قط ولا مررت ببابه فرأيته ينظر في دفتر ومن بجانبه فارغ اليد، إلا اعتقدت انه أفضل منه وأعقل.
الفتى النجيب إذا لم يعشق صفات الكمال ويسعى لطلبها سعيا حثيثا فلن ينال منزلاً يحبه. وتبا لشخص يكره القراءة يعيش ليأكل لا يأكل ليعيش.
قد هيئوك لأمر لو فطنت له** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
قيل: الكتب مرشدة في الصغر وتسلية في الكبر ورفيق في العزلة. سئل احد العارفين من يؤنسك فضرب بيده على كتبه وقال هذه، فقيل من الناس؟ قال الذين فيها!
اقرأ ترق، الكتاب الذي ستقرؤه سيكون غذاء شبابك وعزاء شيخوختك. يقول انطونيو لوب في كتاب "من حصاد الفكر العالمي" إن عادة المطالعة هي المتعة الوحيدة التي لا زيف فيها. إنها تدوم عندما تتلاشى كل المتع الأخرى.
اوليفر سميث يقول في كنوز الحكمة أيضا عندما أقرأ كتابا للمرة الأولى فكأني كسبت صديقا جديدا وعندما اقرأ كتابا سبق لي أن قرأته فذلك يشبه لقائي صديقا حميما.
أعز مكان في الدنيا سرج سابح**وخير جليس في الزمان كتاب
القراءة فن لا يجيده كل احد، كن إذا سميت اسما لا تكن مثل الحضور، فاقل الناس قيمة اقلهم علما، والقراءة تنتعش عند المثقفين وتنحسر عند الجمهور، فهل أنت من المثقفين أم من الجمهور؟ حتما من المثقفين لأنك تقرأ الآن!! عايض القحطاني
******************
زميلي الياباني
كان صغيرا وسيما له نظرة تشجيعية كفيلة بشحن همتك لخمس سنوات قادمة، في مشهد مؤثر، استطاع أخي الصغير ان يدفع بي الى الإسراع في إجراءات البعثة والذهاب لطلب العلم في أمريكا. كنا نشاهد مشهدا على قناة أجنبية كان في ذلك المشهد لمسات من التطور الحضاري الذي وصلت إلية التكنولوجيا الأمريكية في عالم الاتصالات. بعد الالتفاف إليه في فاصل قصير أثناءالمشاهدة، نظر الى بابتسامة وفخر، بنظرة مفادها ان اذهب ولا تفوت فرصة البعثة بأي شكل من الأشكال. رددت له الابتسامة بابتسامة شكر على تلك النظرة التشجيعية التي لمستها منه.
كأي طالب علم كويتي يدرس في أمريكا، انبهرت بالتجربة الأمريكية العلمية وبنظام الدراسة وبتوفر مصدر العلم في متناول اليد. لم أحاول الالتفاف الى التجربة الأمريكية الأخلاقية، لكن في نفس الوقت احترمت كثيرا ممارساتهم الإدارية وتعاملهم مع الطرف الآخر بتفهم ووعي.
كل دولة يستطيع الإنسان الضعيف فيها ان يأخذ حقه من القوى يكتب لها الله البقاء وتستحق ان تكون وجهة لكل من يبحث عنالسعادة.
كأي طالب علم كويتي يدرس في أمريكا، وبعد التخرج، نظن أننا أفضل من غيرنا ممن لم يدرسوا في أمريكا، وهذا مفهوم مغلوط يحتاج الى إعادة نظر. اعتقدت في بداية الأمر أن الكويت ستنتظرني بيدان مبسوطتان لتحتضنني وتبارك تخرجي، لكني تفاجئت بعدم انتظار احد لي في المطار حتى أهلي، ما عدا صديق استطاع ان يكافح موجة الغبار التي كانت تصادف موعد وصولي والتي كانت السبب في عدم تجرؤ احد من أهلي على الخروج من البيت في درجة حرارة ملتهبة ولكثرة زياراتي لهم طوال مشوار الدراسة!
كأي طالب علم كويتي تخرج من أمريكا، تلقيت صفعة معنوية بسبب الرتابة الإدارية وبطء الإجراءات في القطاع الحكومي، ولم اعهد الناس ولم أتأقلم معهم بعد، فعادة الإنسان ان يبحث عمن يشاركه التجربة، معظم الذين تخرجوا من أمريكا هم أيضا يعيشون وهم استقبال الناس لهم بالورود وإجلاسهم في المناصب المهمة حتى لو لم يكونوا مميزين.
كل ذلك كفيل بثني عزيمتك وقتل للحلم الجميل الذي بداخلك، لكن هل تستسلم؟
تذمرت في البداية وألقيت بالأسباب كلها على الآخر، وهذه هي حيلة الضعيف، انظر الى من حولي بتعالي وأنهم يجب ان يقدروا لي وضعي فأنا "خريج أمريكا!". لم أكن اعرف ان هذا الشعور المتعالي وهذا التفكير العقيم هو أيضا سبب في كره خريج أمريكا لوطنه وتذمره من معاملة الآخر له. تعلمت فيما بعد ان الكويت أرسلتني الى أمريكا لتنتظر مردودا من تجربتي لا لتدللني في أرقى الأماكن التي يمكن ان يحصل عليها موظف في الدولة. تعلمت ان النجاح هو ان تبدع في إنجاز شيئا ما بما تملك في يديك في هذه اللحظة، لا ما تنتظر ان يهبط عليك من السماء.
في كل عمل، مرحلة إثبات الوجود فترة مهمة في تشكيل مستقبل وظيفي لحديث عهد بتخرج. واصطدام خريج أمريكا بالواقع الكويتي هو العقبة الكئود التي يجب ان يتجاوزها لكي يبدأ مسيرة الإنتاج.
بعد تخرجي، تقدمت الى خمسة أماكن مهمة -حكومية وخاصة- تتبع تخصصي بحثا عن وظيفة في الكويت، وبسبب كابوس "الواسطة" الذي يقض مضجع كل مواطن كويتي حرصت ان أطعّم مع كل طلب توظيف واسطة شفيعة مقربة من المكان الذي تقدمت بطلب الوظيفة إليه، المكان الوحيد الذي لم أستطع اختراقه هو جامعة الكويت. فأصبح المكان الوحيد بين الخمسة أماكن هو الذي لم يغذى بواسطة. لكن ماذا كانت النتيجة؟
المكان الوحيد الذي تم قبولي فيه هو جامعة الكويت. هذه التجربة أعطتني الدرس الأول في الكويت وهو ان المكان المكتوب لك العمل فيه هو الذي ستنتهي إليه. حتى لو أججت مظاهرة يخرج فيها الشعب الكويتي كله معك لتحصل على الوظيفة التي تريد.
الموظف الكويتي بصورة عامة، سواء كان متخرجا من أمريكا أو من غيرها، بلا جلدٍ للذات، موظف متواكل قليل الإنتاج لأسباب كثيرة لا داعي لذكرها. لكن الجميل عندما ترى الحالات الاستثنائية وتجد شاب كويتي شعلة من النشاط في مجال عمله كنحلة لا تكل ولا تمل مع بداية كل يوم عمل. والأجمل من جميل، انه قد لا يحب المكان الذي يعمل فيه، لكنه يعمل من منطلق كويتي وغيرة وطنية تجعله لا يلبث حتى يثبت للآخرين انه جدير بالاهتمام.
الخيلاء والعجب اللذين تربى عليها المواطن الكويتي يجب ان تمحى تماما. نحن لسنا أفضل من غيرنا، بل ربما الوافد أكثر نفعا منا للكويت في طلبه للقمة عيش يبني بها مستقبله. ولا تعجب إذا قلت لك ان الكثير ينظر الى سر نجاح الشاب الكويتي أو الشابة الكويتية الى وجود أم غير كويتية أو عنصر دخيل على العائلة كان سببا وراء ذلك النجاح!
يحدثني زميل ياباني ان العمل ساعات إضافية لإنجاز شيء أو لابتكار شيء جديد في مقر العمل عنصر إغراء للزوجة للافتخار بزوجها، وان بعض الأزواج اليابانيون لا يذهبون الى بيوتهم مباشرة بعد العمل حتى لو كلفهم ذلك الانتظار في مقهى ليوحوا لزوجاتهم أنهم كانوا يقضون ساعات إضافية في مقر العمل. ويضيف أن رجلا ياباني فقد عمله لكنه كان يتظاهر يوميا بالذهاب الى مقر عمله لخوفه من ترك زوجته له!
العادات والتقاليد الكويتية المتوارثة التي تشجع على الكسل والاستسلام للواقع والسخط على كل تغيير، هذه العادات تسقط إذا كانت عائقا للنهوض. ولن افشي لك سرا إذا قلت انك قد تفقد بعض الأصدقاء وتخسر ود بعض الزملاء في العمل بمجرد انك بدأت تتميز، فهل هذا مفهوم يمكن السكوت عليه. بالطبع لا!
قد هيئوك لأمر لو فطنت له**فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
الأطباء كثر، والمهندسون كثر، والمحاسبون كثر، والمدرسون كثر، والإداريون كثر، والإعلاميون كثر، لكن المميزين ليسو بكثر. بين النجاح والفشل صبر ساعة، والفطن من يميز تلك الساعة فيغتنم فرصة صبرها. ولن يبلغ البطال منزلة الأبطال، كيف وقد رضي أن يكون مع الهمل. عايض القحطاني
******************
أين هي؟
أريدها...ذات الجمال
متدينة
ووصف فوق الخيال
عفيفة...كمريم بنت عمران
حكيمة...كما لقمان
الصوت صوت داود
ومن بني هاشم
لها جد وجدود
****
أريدها..تفهم بالاشارة
ولي نعم المستشارة
إن قلت لا..تفهّمت
أو قلت نعم..تبسّمت
****
أريدها زهراء..هيفاء
وعيناها دعجاء
ممشوقة..اسنانها شنباء
رشوف...انوف
رقراقة بيضاء
****
أريدها...من أفضل النساء
وأريد منها أبناء
توأمين...كما السبطين
الحسن والحسين
****
أريدها...ثلة من الأولين
وقليل من الآخرين
لم يعتريها حداثة
تمّيزها الحصافة
قد جمعت بعلمها
بين دنيا ودين
****
أريدها شاعره... باهرة
تُرغم بشِعرها
أنوف الجبابرة
وتكتب في زوجها إلياذة
يسيرٌ حِفظها
وتخّلّدُ في الذاكرة
****
أريدها صبورة
على الشدائد جسورة
لا تَكَلْ ولا تَمَلْ
شديدة البأس
نضرة ودودة
****
أريدها...طيبة النفس
مرهفة الحس
وتقدر كدي على عيشي
ولا يزعجها
تأخر الفَلْسْ
****
فيا ليت شعري
صَعْب المنال!؟
أم ليس هناك.. أمر محال
من وجدها لي
وتملك تلك الخصال؟
عايض القحطاني
******************
بنت بلادي
لنساء كل امة من الأمم ميزة في الجمال والحسن. وكل عصر له نساء، وكل جيل له سماته، والنساء ذوات ألوان كألوان الزهور. وقد قلبت، ثم بصرت، ثم نجمت كثيرا، على نغم العندليب، لكني لم اهتدي بعد الى تمييز ألوان نساء الشعوب.
رأيت الأمريكية ممتعة شديدة الإنفاق كثيرة الحرية لا تعترف بشي اسمه التبعل الى زوجها، تحب الحياة بنهم مخيف، وتريدك كشريك تجاري في مشروع زواج. ثم التفت الى الانجليزية فوجدت مفتاح السعادة المنزلية، لكنها قامة فارعة متكبرة، لا زالت تعيش على مجد إمبراطورية لم تغب عنها الشمس. ثم اتجه البصر الى الألمانية فوجدتها شديدة ذات رموش صفراء بعيدة عن رقة الأنثى. وما زلت أتلفت حتى وقعت العين على التركية فرأيتها غليظة الصوت لكنها من أجمل نساء العالمين، تكره التقرب الى كل ما هو عربي، لا يضاهيها في الجمال، إلا أختها الاسبانية التي تفوقها سحرا في جمال العيون، وخصلات الشعر الناعم التي تتدلى حول عنق مرمري ساحر.
وقالوا لي ان النمساوية عنوان النظافة في البيت والاسكندنافية فلاحة لا تهمها شئون الموضة فقد تعجبك. واشتد الإغراء فظهرت الايطالية بطبخها المميز لا تنفك عن سماع الموسيقي الشاعرية. ثم خالطت الصينيين فرأيت المرأة مخلوق كبير في قدما طفل صغير يفقدها قليلا من الأنوثة. وسكنت بين اللاتينيين فرأيت اكتمال الأجسام وغريزة أنثوية فائضة عن الحد تخيف الزوج الذي يغادر البيت.
ونساء أفريقيا لرجال أفريقيا إذا وقعت فيهم الحسناء فلا يوازيها شيء من الأجناس وهن انعم أبدانا إذا غذيت بشكل سليم.
انتقلت الى قارة أخرى فاكتشفت ان الهندية لا يسبقها احد في الصبر والجلد. وفي جزر الفلبين وما حولها قالوا ان الزوجة تعبد الزوج عبادة وخدمة طوال حياته فوجدت ذلك رائقا. ثم اقتربت الى مكان بلدي فسمعت ان العراقية حسنة العشرة وتصبر على تربية الولد، وان الآباء جربوا المصرية فرأوها مطيعة لزوجها حازمة لها خفة دم، وأنهم وجدوا الشامية مكتملة الأنوثة لكن جسمها مصدر إشعاع لحرارة كامنة. والفارسية ذات ولد، لها سحر عيون جاذب لكنها كثيفة الشعر. والحجازية دقيقة خصر حنطاوية لا تجد البياض فيها إلا قليلا.
فوصلت الى بنت بلدي – الكويتية - فقالوا لي ان فيها من كل ما قد سبق لكنها شديدة التغير في كل عام لها شكل ولون. تسعدها ابتسامة وتشقيها كلمة، هي اقرب ما يكون الى طبعك وشكلك، فقلت لهم أحب التغير والتجديد، واكره ان اذهب الى البعيد، لا بعشق دي ولادي، ولادي، أنا اخترت بنت بلادي أموت أموت عليها دي!
عايض القحطاني
******************
ملكة الليل
في فناء حديقة المنزل عندما كنا صغارا، كانت هناك شجرة مميزة صغيرة رائعة قريبة من المكان الذي كنا نجلس فيه للسمر. كان كبار السن يطلقون عليها اسم "ملكة الليل." كان لذلك الاسم الجميل المميز صدى في قلب كل من يسمعه ، وكأن الكل يريد أن يعرف لماذا سميت تلك الشجرة بـ "ملكة الليل."
لتلك الشجرة سر عجيب ، فالشجرة التي نتحدث عنها تبدأ بإرسال عبق لرائحة جميلة عندما يرخي الليل سدوله بعد غروب الشمس مباشرة ولا تتوقف عن إرسال ذلك العبق إلا إذا انزاح الظلام ، لكن الغريب في الأمر أن مصدر الشذا الرائع المنبثق منها لا يمكن تحديده بالضبط ، تقترب من الزهر فلا تجد شيئا ، تقترب من الورق فلا تجد شيئا ، تدخل رأسك بين الغصون فلا تجد اثراً لتلك الرائحة ، تهزها بيأس كي تحصل على دليل لمصدر تلك الرائحة الحسنة فلا تجد شيئا. هكذا وكأن الرائحة عطر يسقط من السماء على موقع الشجرة في ذلك الوقت!
ليس هذا فحسب ، بل أن تلك الرائحة مميزة لا مثيل لها بين العطور ، تعانق الأنوف ، وتأسر الألباب ، وكأنها شذا قد تسرب من الجنة ينزل باستحياء الى الأرض.
انظر الى وصف هذه الشجرة عند علماء النبات لتجد التميز حتى في الصفات. يقول عنها دليل المزارع ، هي شجيرة مستديمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار وذات تفرع كثيف من القاعدة.لها أوراق بسيطة متبادلة رمحية الشكل، ولها أزهار بيضاء اللون، ذات رائحة زكية ، ومعدل نمو الشجيرة سريع. تنمو الشجرة بصورة جيدة تحت الظروف البيئية الشديدة وتتحمل بدرجةجيدة العوامل البيئية القاسية من حيث ارتفاع درجة الحرارة إلى 45 درجة مئوية، كما لها درجة تحمل جيدة للجفاف والرياح!
لم يخطئ أبدا من اختار لها تلك التسمية فهي فعلا "ملكة الليل." فكرت إن كان في بني البشر شبيها بتلك الشجرة فوجدت ذلك. فهناك أشخاص تقابلهم في مراحل حياتك المختلفة في شتى مراحل عمرك البسيط ، تحبهم ولا تعرف لماذا أنت تحبهم ، تجد قبول وسطوة لسلطانهم عليك ولا تعرف لماذا ، هناك جمال وجاذبية تشع منهم ، لا تعرف مصدر تلك الجاذبية. قد لا يكون هناك سحر في الجمال ، أو روعة في الملاحة تميزهم عن غيرهم ، لكن ثمة هناك مغناطيسية شديدة تجذبك إليهم لا تستطيع تحديدها. صفاتهم أشبه بصفات "ملكة الليل" المذكورة إلا أنهم بشر بجسد وروح. مهما حاولت ان تكتشف مصدر جاذبيتهم فلن تستطيع لأنك كالذي يبحث عن مصدر عبق الرائحة الجميلة المنبثقة من شجرة "ملكة الليل."
تأمل كل من حولك ، فإذا لم تجد في الأنام ممن هم في دائرتك شبيه بشجرة "ملكة الليل"، فربما تكون أنت نفسك "ملكة الليل!" عايض القحطاني
******************
ترنيمة أفريقي!
في عام (2000) م تناقلت أخبار العالم خبر مطاردة السفينة Etireno والتي رست في ساحل دولة بينين بالقرب من نيجيريا بعد رفض سلطات القابون والكاميرون لها بالرسو على أراضيها لاشتباهها بحمولة السفينة التي كانت بمثابة سوق متنقل لبيع وشراء الرقيق. ينقل الأطفال وغيرهم إلى ديار غنية في الولايات المتحدة وأوروبا لبيعهم هناك على جمعيات تنصيرية ولتوفير حياة مادية وتعليمية أفضل لهم! هكذا نظن ولنا أدلة. نخاسة..تجارة الرقيق..تجارة عبيد..الى الآن، نعم لا تستغرب هذا ونحن في هذا القرن من التقدم والرقى الزائف.
كما يقول Alfred Ironside من منظمة اليونيسيف المنبثقة من الأمم المتحدة في تعليقه على الحادثة إلى شبكة أل اى بي سي الإخبارية أن هناك ما يقارب 200000 طفل يتم بيعهم مثل الرقيق سنويا في المنطقة. وتلك ليست الحادثة الأولى من نوعها، فقد تتخيل أن في الساحل الغربي لأفريقيا مناظر لسفن أشبه بسوق النخاسة في زمن الحروب الصليبية. الذي جعلني أتحمس لهذا المقال هو ذلك الموقف الذي هزني عندما كنت أتحدث مع زميل دراسة لي من دولة افريقية كان يدرس في أمريكا على حساب منظمة نصرانية وكان متشدد للنصرانية يحمل الإنجيل قبل كل امتحان. كنت أتبادل معه الحديث في أروقة الجامعة، وفي يوم نتحادث فيه إذا به يتمتم بالفاتحة بترانيم افريقية جميلة ويقول أتعرف ماذا أغنّي؟
عندها صدمت كيف لهذا المتدين النصراني أن يعرف سورة الفاتحة، فسألته فقال لي انه كان يسمعها من جدته في نيجيريا عندما كان طفل! هكذا نعم! يقول كانت جدتي مسلمة وهو الآن نصراني.
منهج الخبز في مقابل الدين مجدي احيانا ولكن ليس دائما. فعلى النقيض من القصة السابقة تأتي المفارقة لقصة سمعتها من داعية ناشط يروي قصة رجل عجوز مسلم أفريقي كان يرى كتائب التنصير توزع الخبز على أهل قريته. لم يتنازل هذا العجوز عن عزة الإسلام ليمد يده إلى النصراني الذي كان يوزع الأرغفة علي طابور من الفقراء وهو يمر على الطابور ويرى في أعين المبشر النصراني انتظار اللحظة التي يرضخ فيها العجوز لشبح الجوع الذي يغالبه. مرت الأيام والعجوز يمر ولا يأخذ الخبز حتى تفطرت قلبه على بنيات له كانوا يموتون جوعاً أمامه. فقرر العجوز ذلك اليوم أن يقف في الطابور ليأخذ ما يسد به جوع بنياته والنصراني فرحا ينتظر وصول العجوز من أقصى الطابور ليقمعه ببعض العبارات، وصل العجوز ومد يده لاستلام الخبز. عندها فرح النصراني برضوخ العجوز وقال اعرف انك مسلم وهذا لك. وسمع العجوز يقول بصوت خافت الحمد لله!
عندها قال النصراني، لو كان الله الذي تعبده هو رب دينك الصحيح لما جعلك تأتي إلىّ. عندها ابتسم العجوز ونظر إليه وقال: ولكني كنت احمد الله الذي أتى بك من أقصى البلاد حتى تقف وتعطي الخبز إلي الفقراء في هذه القرية! عايض القحطاني
******************
حزمة ضوء على فلسطين
منذ أن اغتصب المعتدي ارض الإسراء وحتى الآن، تكالبت الأحداث على الساحة الإسلامية عامة والعربية خاصة، الأحداث التي حصلت والتي ما تزال تحصل لا تفتأ تغطى على بريق قضية فلسطين فترة من الزمن، لكن ما إن تهدأ الأمور حتى تعود الصحوة للقلوب وتبقى فلسطين هي الاسترجاع الدائم لقضايا المسلمين.
إن استمرارية هذه القضية لنا كمسلمين توحي بأن الصراع القائم بيننا وبين المحتل لا بد له من معركة فاصله، هو في الحقيقة صراع وجود وليس صراع حدود، وهذا يؤيد حتمية وقوع المعركة سواء كانت المعركة طويلة الأمد أم حاسمة مباغتة. وإن صرخة الألم التي صرخها المسلمون والعرب عام 1948 لا تزال تسمع رغم الأيادي التي تكتمها وتحاول إسكاتها كل حين.
لا شك أن الحزن والأسى الذي نقرأه في الأخبار ونشاهده في التلفاز ونشعر به إذا اشتد، هو مؤلم ومحبط، خصوصا إذا لم يكن في وسعنا ما نفعله حينها. يقابلنا هناك من إخواننا من يعيش ذلك الألم بقسوته وضراوته ومرارته حدثا حيا يوما بيوم، تشريد و اعتقال وجوع وظلم واضطهاد و قسوة معتدي وغدر صديق وخيانة عميل، انسحاق تحت وطأة احتلال عنصري بغيض، تلاميذ جرحى في الشوارع ودم مسفوك في المخيمات، منهم من يجد من أهله من يبكيه ومنهم من لا بواكى له. كل ذلك أنهك الشعب الفلسطيني وفت في جسده المقاوم على الأرض طوال السنين، ووقع هذه المآسي بلا شك هو مؤلم أيضا على من يعيشون منهم خارجها، وهم يتألمون خارجها أيضا، ولو كان همهم الوحيد بعيدا عن الوطن هو الشعور بعدم الانتماء لوطن بعينه هو ما عندهم لكان كافيا لتنغيص حياتهم اليومية ولو كانوا يعيشون عيش الملوك.
إن الشعب الفلسطيني يمر بمحنه لا اعتقد أن شعبا في هذا القرن أو القرن الذي قبله قد مر بمثلها. اخرج بدلا من الدمع دما، وبدلا من المال روح، وتشرد في البلاد وتحمل الذل والاضطهاد، وربما تحمل الذل من الصديق ويا لمرارة الظلم إذا جاء من الصديق. وبكل غضاضة أيضا، تحمل تبعات أخطاء فادحة قامت بها مجموعات من الفلسطينيون أنفسهم. فهو بين نار وغار ينتظر متى نصر الله. حاله كحال المترقب لرصاصه من فوهة رشاش يحمله شخص ارعن في العراء. لهذا دائما نلتمس لهم العذر فمن رأى شدة المصاب على المخطئ ربما اقل عليه اللوم.
أن الهدف الذي يسعى إليه الإنسان الفلسطيني ليس هدف غير مشروع كي نناقش وننظر فيه، إنها الحرية، الحرية التي تجعل الشاب في عز شبابه يفجر نفسه فيتمزق جسمه أشلاء كي يعيش غيره في كنف الحرية، انه طعم الحرية الذي جعل الفتاة اليافعة والطالبة النجيبة تلبس الحزام الناسف حول وسطها كي تثخن في المعتدي وترسل له رسالة بأن الشعوب لا ترضى الظلم والقهر مهما طال بقاؤه.
إن إعلان المواطن الفلسطيني الحرب على العدو الإسرائيلي بجميع الوسائل المستخدمة ليس تمردا ولا تطرفا ولا إرهابا، بل هو حوار اعتاد "اليهود المعتدين" على التفاهم بلغته. هذا الحوار الذي بدأ بنبره بسيطة مستخدما الحجارة ثم لم يلبث حتى علا صوته مستخدما الأسلحة الخفيفة. هذه المقاومة لم تخرج أصلا للقتال وإنما خرجت دفاعا عن النفس، فمنذ متى سمي الدفاع عن النفس إرهابا؟!
أيها الغرب، لقد شاهدنا أفلامكم، وتأثرنا بها كما تأثرتم انتم بها. لماذا تجعلون من "ويليام والاس" في فيلم القلب الشجاع "Braveheart" بطلا يريد الحرية ويقاوم الظلم بينما الطفل الفلسطيني في نظركم إرهابيا يريد القتل مع أن الاثنان كانوا يقاومون المعتدي. لماذا في فيلم يوم الاستقلال"Independence day" تجعلون لأنفسكم يوم استقلال وتحتفلون به وتتزعمون إنقاذ العالم من الأشرار بينما انتم في الحقيقة تشاهدون يوميا شعبا لم يذق طعم الاستقلال مند خمسين عاما وأكثر، وأنتم بعينكم من يساند الأشرار. لماذا في فيلم الوطني "Patriot" نجد "بنجامين مارتن" صاحب العائلة مقاتلا شرسا ضد الظلم يستحق الإطراء والثناء لفقده عائلته وتضحيته الكبيرة من أجل الوطن، وجعلتم من أعماله أسطورة تستحق أن تتناقلها الأجيال، بينما من يفعل تماما مثل ما فعل بنجامين في ارض فلسطين يعتبر إرهابي يستحق القتل والتشريد. لمادا تعلنون لنا هذا التناقض فجورا بواحا وانتم تسوقون لنا عدلكم وإنصافكم. هذا لا يجوز، لا يجوز لكم بأي حال من الأحوال النظر إلى مقاومة الشعب الفلسطيني للمحتل العنصري على أنها انتفاضه عدوانية، بل هي تماما كما عودتمونا في أدبياتكم الهوليووديه، إنها ثورة إنسانية هدفها التصدي للباغي والبحث عن الأمان والحرية. لماذا لم تفهم يا سيادة الرئيس "Mr. President" لماذا تزغرد أم الشهيد لما جاءها خبر وفاة ابنها عندما شاهدت ذلك في وسائل الإعلام. ألا يوجد حولك من المستشارين الواعين ممن درسوا الحضارات الأخرى من يشرح لك الموقف بتفاصيله. دعهم يخبرونك انه كلما ازداد عدد ضحايا وشهداء الثورات كلما ازدادت فرصة نجاحها. دعهم يخبرونك انك تدعم عنصر الشر في معركة بعيده عن وطنك الذي تنعم فيه بالحرية، بينما يدفع ثمن عونك للشر شعب بأكمله في أرض فلسطين.
وتتكرر الماسي على أرض فلسطين، والعالم يشهد ويسمع، وتبقى القضية طويلة الفصول، ولا زال التاريخ يكتب، والحقائق تدون، والأسرار تنشر فيما بعد، لكن لا يسعنا إلا أن نرسل تحيه لكل يد ألقت حجرا على جندي إسرائيلي، والى كل إصبع رشق وابلا من الرصاص على دبابة صهيونية، والى كل قوام لبس حزام ناسفا شتت به شمل مجموعة من الغاصبين. عايض القحطاني
******************
مداهمات!!
قرأت في كتاب الفرج بعد الشدة ان قائد شرطة بغداد إسحاق بن إبراهيم المصعبى كان فيه زعارة أخلاق، وإسراع في القتل، و كان له نديم يعرف بابي عبيدة، حسن الأدب كثير الرواية للأخبار. فحدث أن استدعاه المصعبى ذات ليلة في منتصف الليل، فهال ذلك أبو عبيدة وافزعه، لما يعرفه عن المصعبى، وشكّ في أنه قد نقم عليه شيئا وهو لا يعلم ، أو أن باطلا قد بلغه عنه من الوشاة .
يقول أبو عبيدة: فخرجت طائر العقل، حتى أتيت داره، فأدخلني إلى دور بها نساء فاشتد جزعي وذهب علىّ امرى. وفي دهليزها بكاء امرأة ونحيبها، ودخلت فإذا هو جالس على كرسي وبيده سيف مسلول، وهو مطرق، فأيقنت بالقتل.
فسلمت، ووقفت، فرفع رأسه وقال: اجلس أبا عبيدة، فَسَكن روعي وجلست.
فرمى إلى رقاعا كانت بين يديه وقال : اقرأ هذه؟!
فقرأت ما فيها وإذا بكل واحد منها خبر مداهمات وقعت على نساء وجدن على فساد، من بنات رجال أجلاء وكبراء وغيرهم من العامة.
فقلت:قد وقفت على هذه الرقاع، فما يأمرني به الأمير اعزه الله؟
فقال: ويحك يا أبا عبيدة، هؤلاء الناس الذين ورد ذكر حال بناتهم، كلهم كانوا اجل منى أو مثلي، وقد أفضى بهم الدهر إلى ما قد سمعت، وقد وقع لي أن بناتي بعدى، سيبلغن هذا المبلغ، وقد خطر لي أن اقتلهن وأستريح!
ثم ادركتنى رقة البشرية، والخوف من الله تعالى، فأردت أن أشاورك في إمضاء الرأي، أو شيء تشير على فيهن.
فقلت: أصلح الله الأمير، إن آباء هؤلاء النساء اللواتي قرأت رقاع أخبارهن، اخطئوا في تدبيرهن، لأنهم خلفوا عليهن النعم، ولم يحفظوهن بالأزواج، فخلون بأنفسهن ونعمهن، ففسدن، ولو كانوا جعلوهن في أعناق الأكفاء، ما جرى منهن هذا.
والذي أرى أن تستدعى فلان القائد فله خمسة بنين، كلهم جميل الوجه، حسن اللبس والنشوة، فتزوج كل واحدة من بناتك واحداًَ منهم. فتكفى العار والنار، وتكون قد أخذت بأمر الله عز وجل والحزم، ويراك الله تعالى قد أطعته في حفظهن، فيحفظك فيهن. ا.هـ
هذه الحادثة لا تقتصر على زمن بعينه، بل اختلفت الآليات التي تتم بها عمليات المداهمات، حتى وصلت حد الغرابة! في زمن ليس منا ببعيد أسست ملكة النمسا ماريا تريزا بوليساً للعفة لم يكن مجرد بوليس للآداب فحسب. فقد كانت هذه القوة تبذل جهودا مضنية لصيانة الإخلاص الزوجي والنزاهة الجنسية لدى جميع النمساويين!
كان أفراد هذه القوة المخلصة للملكة يجتاحون البيوت ويتلصصون من ثقب الأبواب، بحيث لم يعد يرى عاشق أو عاشقة في مأمن من أمره أينما وجد.كانت هذه القوة تفتش كل الطرود والرسائل البريدية وحتى الحقائب الدبلوماسية بحثا عن كتب وصور الرذيلة. كانت كل امرأة تمشي في الشارع بمفردها تعتقل وتقدم للمحاكمة. والعاهرات كن يجبرن على مغادرة المدينة إلى مصحات قروية في جنوب هنغاريا. أما العاهرات اللاتي تكيفن مع جو الحياة فى فيننا فكن يمشين بكل حشمة وأدب. وكن يمسكن المسابح بأيديهن كلما صادفن احد المسئولين!
كانت الأقاويل تتردد بأن الملكة امرت بتشكيل قوة بوليس العفة لأنها منيت بإحباط من قبل عشيقها الداعر والحميم (فرازنز الأول)!
عايض القحطاني
******************
بني صهيون
بني صهيون
أتحداكم
بني صهيون
أن تأتوا بفرد
من أقصاكم
أو أدناكم
يفدي روحه
و يثخن كما يثخن
مستشهد في دنياكم
واتحدي
أن تمشوا فرادى
من دون خوف
في ممشاكم
بني صهيون
لا سواء
قتلانا في الجنة
وفي النار قتلاكم
عايض القحطاني
******************